مرض السكري عند الأطفال هو حالة مرضية مزمنة تكون فيها مستويات السكر في الدم (الغلوكوز) مرتفعة بشكل غير طبيعي، و ذلك بسبب وجود مجموعة من الاضطرابات تجعل الجسم غير قادر على إنتاج كميات كافية من الأنسولين، أو غير قادر على الاستجابة بشكل طبيعي للأنسولين.
الأنسولين ھو عبارة عن ھرمون یسمح للسكر بالخروج من مجرى الدم إلى الخلایا لیتم استخدامه بعد ذلك لانتاج الطاقة. ولكن إذا توقف البنكریاس عن تصنیع الأنسولین أو أصبحت الخلايا لا تستجيب له. سيتجمع السكر في الدم و يرتفع مسببا بذلك مرض السكري.
أنواع السكري عند الأطفال
تتشابه أنواع السكري عند الأطفال مع تلك الموجودة عند البالغين. وتشمل هذه الأنواع:
1. مُقدمات السكري
مقدمات السكري (prédiabète) هي حالة تشير إلى ارتفاع في مستويات الغلوكوز في الدم، دون أن تبلغ حد تصنيفها كمرض السكري. في حالة الأطفال، يكون انتشار مقدمات السكري أكثر شيوعًا بين المراهقين الذين يعانون من البدانة. و يكون هذا الوضع مؤقتا لدى حوالى نصف المراهقين، بينما يتطور إلى حالة سكري لدى النصف الآخر، خاصةً بين المراهقين الذين يستمرون في زيادة الوزن.
يمكن التحكم في مقدمات السكري من خلال تغيير نمط الحياة، مثل التغذية الصحية وممارسة الرياضة، و ذلك للوقاية من تطور المشكلات الصحية المرتبطة بمرض السكري.
2. سكري الأطفال من النوع الأول
و هو من أكثر الأمراض شيوعًا في سن الطفولة، خاصة لدى الأطفال الرضع و في المرحلة بين 4-6 سنوات، أو في المرحلة بين 10-14 سنة. و تحدث الإصابة بالسكري من النوع الأول عندما لا ينتج البنكرياس كميات كافية من الأنسولين مما ينتج عنه ارتفاع في مستوى السكر في الدم.
3. سكري الأطفال من النوع الثاني
يحدث سكري الأطفال من النوع الثاني عندما لا يتم انتاج الأنسولين بكميات كافية. أو أن خلايا الجسم لا تستجيب بشكل مناسب للأنسولين (وهو ما يُسمى بمقاومة الأنسولين). ينتشر هذا النوع من السكري بشكل رئيسي عند المراهقين، خاصة في الفترة بين 15 و 19 عامًا.
تتضمن فئات الأطقال الذين يواجهون خطرا مرتفعا للإصابة بمرض السكري النوع الثاني :
- الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة
- اصابة أحد الأقارب من الدرجة الأولى بمرض السكري.
- إصابة الطفل بأحد الحالات التالية: ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع مستويات الشحوم في الدم، الكبد الدهنية.
- إصابة الأم بسكري الحمل أو وجود تاريخ لإصابتها به.
- قلة ممارسة الطفل للرياضة و النشاطات البدنية.
كيف أعرف اذا كان طفلي مصاب بالسكري؟
يُسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم مجموعة من الأعراض المباشرة، من بينها:
- كثرة التبول: زيادة عدد مرات التبول خاصةً في الليل.
- العطش الزائد: إذا كان الطفل يشعر بالعطش المستمر و يحتاج لشرب كميات كبيرة من الماء، قد يكون ذلك إشارة لارتفاع مستويات السكر في الدم.
- فقدان الوزن المفاجئ: رغم زيادة الشهية و الجوع الشديدالذي يظهر على الطفل.
- التعب و الإرهاق: قد يشعر الطفل بالكسل و الخمول الشديد بسبب عدم قدرة الجسم على استخدام السكر بشكل صحيح للحصول على الطاقة.
- العصبية و التغيرات المزاجية العدوانية بشكل غير عادي.
- بطء في التئام الجروح.
- ظهور بقع داكنة مخملية على جلد الطفل، والتي تدل غالباً على مقاومة الأنسولين، وتسمى الشواك الأسود.
- عدم وضوح الرؤية، نتيجة لجفاف العين.
متى يظهر مرض السكري عند الأطفال؟
نادرًا ما يُولد الأطفال مصابين بمرض السكري، الذي يُعرف أيضًا بسكري حديثي الولادة. و يمكن أن تكون هذه الحالة ناتجة عن عوامل وراثية، أو نتيجة لعدم اكتمال نمو البنكرياس، أو بسبب اضطرابات هرمونية أو تغذية غير مناسبة للأم أثناء فترة الحمل. و يمكن أن تتشابه أعراض سكري الأطفال مع أعراض الأمراض الأخرى أو الاضطراب و البكاء المستمر.
غالبًا ما يختفي سكري الرضع تلقائيًا عندما يبلغ الطفل عمر السنة. ومع ذلك، يظل الطفل عُرضة أكبر بكثير من أقرانه للإصابة بمرض السكري في مراحل لاحقة من حياته.
كيف يتم تشخيص سكري الأطفال؟
من المهم جدا الانتباه للأعراض المحتملة لمرض السكري عند الأطفال، و التي تم ذكرها أعلاه. و في حالة الاشتباه بوجود مرض السكري، يُنصح بزيارة الطبيب لتقييم حالته الصحية و القيام بالفحوصات اللازمة.
- فحص السكر العشوائي باستخدام جهاز قياس السكر المنزلي: و تكون نتيجته أعلى من 200 ملغ/ديسيلتر في حالة إصابة الطفل بالسكري (بغض النظر عن وقت أو مكونات الوجبة التي تناولها قبل إجراء الفحص).
- اختبار السكر في الدم الصائم: حيث يتم قياس مستوى السكر في الدم بعد الصيام لمدة 8 ساعات على الأقل. و تكون نتيجته أعلى من 126 ملغ/ديسيلتر في حالة إصابة الطفل بالسكري.
- اختبار السكر التراكمي (A1c)، وهو يعكس متوسط مستوى السكر في الدم على مدار فترة زمنية طويلة (3 أشهر تقريبا)، حيث يعد الطفل مصاباً بالسكري في حال كانت قراءته أعلى من 6.5%.
- فحص نسبة السكر في البول: يمكن أن يُجرى هذا الفحص للتحقق من وجود السكر في البول، ولكنه ليس الاختبار الأكثر دقة لتشخيص مرض السكري.
- اختبارات الهرمونات: يمكن أن تشمل الفحوصات اختبارات لهرمون الأنسولين والكيتونات، والتي يمكن أن تساعد في تحديد نوع مرض السكري.
- فحص التاريخ الطبي و الأعراض: و يشمل هذا الفحص تقييم الأطباء للتاريخ الطبي للطفل والأعراض المرافقة مثل العطش الزائد، التبول المتكرر، فقدان الوزن، وغيرها.
هل يمكن شفاء الأطفال من مرض السكري؟
حالياً، لا يوجد شفاء كامل لمرض السكري. فهو حالة مزمنة تتطلب متابعة مستمرة و عناية صحية كاملة. عندما يتم تشخيص الأطفال بمرض السكري، يكون الهدف الرئيسي من العلاج هو التحكم في مستويات السكر في الدم لمنع المضاعفات و تحسين نوعية حياتهم. و ذلك يكون ب:
- التغذية الصحية: اتباع نظام غذائي صحي متوازن و مناسب للتحكم في مستويات السكر في الدم.
- ممارسة الرياضة بانتظام: تشجيع الطفل على القيام بأي نشاط بدني لمدة ساعة على الأقل يوميًّا.
- الرعاية الطبية المنتظمة: زيارات منتظمة للأطباء لتقييم و متابعة الحالة الصحية للطفل.
- التعليم والتوعية: توفير تعليم شامل للأسرة و الأطفال حول مرض السكري و كيفية إدارته.
أما بالنسبة للعلاج فهو يختلف باختلاف نوعه. فقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على ثلاثة أدوية لعلاج مرض السكري لدى الأطفال و هي:
- الميتفورمين: يقلل هذا الدواء من كمية السكر التي يفرزها كبد الطفل في الدم بين الوجبات و يساعد خلايا الجسم على استخدام الأنسولين بكفاءة أكبر.
- ليراغلوتايد (فيكتوزا Victoza): يؤخذ هذا الدواء عن طريق الحقن. بحيث يحفز الجسم على إفراز المزيد من الأنسولين بعد تناول وجبة الطعام و ارتفاع نسبة السكر في الدم. قد يكون لهذا الدواء آثار جانبية على الجهاز الهضمي مثل الغثيان أو الإسهال.
- الأنسولين: موجه خاصة لسكري الأطفال من النوع الأول. حيث يقلل من كمية السكر في الدم عن طريق السماح للسكر بالدخول إلى الخلايا لإنتاج الطاقة. يتم أخذ الأنسولين عادة عن طريق الحقن أو باستخدام قلم الأنسولين.
قد يستطيع بعض الأطفال الذين تمكنوا من فقدان الوزن، و اتبعوا حمية غذائية متوازنة، و قاموا بممارسة الرياضة بانتظام من التوقف عن تناول الأدوية.
د.رغد زعبلاوي
تحمل رغد درجة دكتور في الصيدلة من كلية الصيدلة في الجامعة الأدرنية ، ودرجة الماجستير في تخصص الصحة العامة من الجامعة الأردنية .تتمحور اهتماماتها حول الأدوية والتثقيف الصحي وكتابة المقالات الطبية .